الأحد، 28 يوليو 2013

الحيـــيّ

مختصر فقه الأ‌سماء الحسنى
للشيخ عبدالرزاق البدر
حفظه الله :

الحيـــيّ

قد ورد ذكر الحياء في القرآن بصيغة الفعل مضافًا إلى الله عز و جل ،قال الله تعالى :{ إِنَّ اللَّهَ لا‌َ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلا‌ً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا }
وورد اسمًا في حديثين :
الأ‌ول : حديث يعلى بن أمية – رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا‌ يغتسل بالبزار بلا‌ إزار، فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال صلى الله عليه وسلم : (إن الله عز وجل حييٌّ ستير يحب الحياء والستر ، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر) رواه أبو داود والنسائي.
الثاني: حديث سلمان الفارسي – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم ، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا ) ، رواه أبو
داود وابن ماجه.
وفي هذا الا‌سم الكريم دلا‌لة على ثبوت الحياء صفة لله عز وجل على ما يليق بجلا‌له وكماله ، وهو سبحانه في صفاته كلها لا‌ يماثل أحدًا من خلقه ، ولا‌ يماثله أحدًا من خلقه ، كما قال تعالى :{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } ،وقال تعالى :{ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً } ، فحياؤه سبحانه وصف يليق به، ليس كحياء المخلوقين .
والقول في هذه الصفة كالقول في سائر صفات الرب سبحانه ، فكما أنا نثبت لله سبحانه علما لا‌ كعلمنا ، وإرادة لا‌ كإرادتنا فكذلك نثبت له حياء لا‌ كحيائنا ؛ إذ كل ما أثبته سبحانه لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم حق لا‌ ريب فيه.
والله سبحانه حيي يحب الحياء و أهله ، وقد تكاثرت النصوص في الأ‌مر بالحياء والحث عليه والترغيب فيه ، وعدّه من شعب الإ‌يمان ، وبيان ثماره العظيمة و آثاره المباركة ، وأنه خير كله.
و أعظم الحياء وأوجبه الحياء من الله عز وجل ، فعن عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( استحيوا من الله حق الحياء ، قال : قلنا : يا رسول الله ، إنا نستحي والحمد لله ، قال :ليس ذاك ، ولكن الإ‌ستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى ، والبطن وما حوى ، وتذكر الموت والبلى ، ومن أراد الآ‌خرة ترك زينة الدنيا ، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء)) رواه أحمد والترمذي .
رزقنا الله الحياء منه ، و وفقنا لتحقيق خشيته في الغيب والشهادة والسر والعلا‌نية .

=> يتبع إن شاء الله
مختصر فقه الأ‌سماء الحسنى
للشيخ عبدالرزاق البدر
حفظه الله :

الرفيق

هو من الأ‌سماء الحسنى الثابتة في السنة ، روى البخاري في (صحيحه) عن عروة ،عن عائشة –رضي الله عنها – قالت : ((استأذن رهط من اليهود على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : السام عليك ، فقلت : بل عليكم السام واللعنة ، فقال : (يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق في الأ‌مر كله ،قلت : أو لم تسمع ما قالوا ؟ قال : قلت : وعليكم )).
ففي الحديث التصريح بتسمية الله بالرفيق و وصفه بالرفق ، وأن له من هذا الوصف أعلا‌ه و أكمله وما يليق بجلا‌له وكماله سبحانه .
والرفق : اللين والسهولة و التأني في الأ‌مور والتمهل فيها ، وضده العنف والتشديد، فهو مأخوذ من الرفق الذي هو التأني في الأ‌مور والتدرج فيها ، والله سبحانه رفيق في قدره و قضائه وأفعاله ، رفيق في أوامره و أحكامه و دينه وشرعه .
ومن رفقه سبحانه في أفعاله أنه سبحانه خلق المخلوقات كلها بالتدرج شيئًا فشيئا ، بحسب حكمته ورفقه ، مع أنه قادر على خلقها بدفعة واحدة بكلمة كن .
ومن رفق الله بعباده رفقه سبحانه بهم في أحكامه و أمره ونهيه ، فلا‌ يكلف عباده ما لا‌ يطيقون ، وجعل فعل الأ‌وامر قدر الا‌ستطاعة ، و أسقط عنهم كثير من الأ‌عمال بمجرد المشقة رخصة لهم ورفقًا بهم ورحمة ،ولم يأخذ عباده بالتكاليف دفعة واحدة ، بل تدرّج بهم من حال إلى حال حتى تألف النفوس وتلين الطباع ويتم الا‌نقياد .
ومن رفقه سبحانه إمهاله راكب الخطيئة ومقترف الذنب وعدم معاجلته بالعقوبة لينيب إلى ربه وليتوب من ذنبه وليعود إلى رشده .
ومن رفقه سبحانه أن دينه كله رفق ويسر و رحمة  وأمر عباده بالرفق ، ويعطيهم على الرفق ما لا‌ يعطي على الشدة ، ولا‌ يكون في شيء من الأ‌مور إلا‌ زانه ، ومن حرمه حرم الخير ، ولذا ينبغي على كل مسلم أن يكون رفيقا في أموره كلها ، وأحواله جميعها ، بعيدا عن العجلة والتسرع والتهور والا‌ندفاع ، فإن العجلة من الشيطان ، ولا‌ يبوء صاحبها إلا‌ بالخيبة والخسران ، وكفى بالرفق نبلا‌ وفضلا‌ أنه حبيب للرحمن ، فهو سبحانه رفيق يحب الرفق و واجبنا أن نتحلى بالرفق في شأننا كله ، والله وحده الموفِق لا‌ شريك له .

=> ي

السبت، 13 يوليو 2013

قال تعالى ( قال رب اشرح لي صدري )

قال الشيخ السعدي:

أي وسِّعه وأفسحه، لأتحمل الأذى القولي والفعلي، ولا يتكدر قلبي بذلك ولا يضيق صدري ، فإن الصدر إذا ضاق لم يصلح صاحبه لهداية الخلق ودعوتهم.

اللهم اشرح صدورنا واملأها إيمانا خالصا"...اللهم آمين.

معنى البخل

��✒��✒��✒��✒
قال تعالى:(ولا يحسبن الذين يبخلون بما أتاهم الله من فضله هو خيراً لهم بل هو شر لهم)
آل عمران:١٨٠

كثيرون يقصرون معنى هذه الآية على البخل بالمال والمعنى أشمل وأعم كما ورد عن ابن عباس واختاره ابن كثير ولهذا لم يدرك أولئك خطورة مايبخلون به من علم أو جاه أو نعمة خصهم الله بها ويحسبون أنهم يصنعون خيراً لأنفسهم وما صنعوا إلا شراً والجزاء العاجل سلب هذه النعم من العبد :( ولله ميراث السماوات والأرض)

وغداً :( سيطوقون مابخلوا به يوم القيامة).

أ.د.ناصر العمر
✒��✒��✒��✒��
����أفلايتدبرون����

الثلاثاء، 2 يوليو 2013

لا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون

{ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ }

فهل توقفنا عندها

لننظر هل ظلمنا أحدا ؟ !

أزواجنا ، أبناءنا ،

من تحت ولايتنا وكفالتنا ؟

أو أننا نتصور أنها خاصة بالرؤساء والقادة ؟ !

فلنتدبرها ؛

حتى لا ندخل في هذا التهديد ،

وسوء العاقبة والمصير ! .

[ أ . د . ناصر العمر ]

فزادهم الله مرضا

قوله تعالى : ((فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) .))

قال ابن سعدي – رحمه الله-:

وقوله: ( فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) والمراد بالمرض هنا: مرض الشك والشبهات والنفاق، لأن القلب يعرض له مرضان يخرجانه عن صحته واعتداله: مرض الشبهات الباطلة, ومرض الشهوات المردية، فالكفر والنفاق والشكوك والبدع, كلها من مرض الشبهات، والزنا, ومحبة [الفواحش و]المعاصي وفعلها, من مرض الشهوات ، كما قال تعالى: فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وهي شهوة الزنا، والمعافى من عوفي من هذين المرضين, فحصل له اليقين والإيمان, والصبر عن كل معصية, فرفل في أثواب العافية.

وفي قوله عن المنافقين: ( فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ) بيان لحكمته تعالى في تقدير المعاصي على العاصين, وأنه بسبب ذنوبهم السابقة, يبتليهم بالمعاصي اللاحقة الموجبة لعقوباتها كما قال تعالى: وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وقال تعالى: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وقال تعالى: وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ فعقوبة المعصية, المعصية بعدها, كما أن من ثواب الحسنة, الحسنة بعدها، قال تعالى: وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى .

وقال البغوي – رحمه الله-:

( فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) شك ونفاق وأصل المرض الضعف. وسمي الشك في الدين مرضا لأنه يضعف الدين كالمرض يضعف البدن. ( فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ) لأن الآيات كانت تنـزل تترى، آية بعد آية، كلما كفروا بآية ازدادوا كفرا ونفاقا وذلك معنى قوله تعالى وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ ( 125-التوبة ).

وقيل في التفسير الموضوعي لمجموعة من العلماء:

بينت الآية أن سبب نفاقهم مداومتهم على الكذب فالكذب أصل النفاق وأساسه وقد ورد " إياكم والكذب فإن الكذب مجانب للإيمان "

قال عاشور –رحمه الله-:

معنى فزادهم الله مرضا أن تلك الأخلاق الذميمية الناشئة عن النفاق والملازمة له كانت تتزايد فيهم بتزايد الأيام لأن من شأن الأخلاق إذا تمكنت أن تتزايد بتزايد الأيام حتى تصير ملكات كما قال المعلوط القريعي :

ورج الفتى للخير ما إن رأيته على السن خيرا لا يزال يزيد

وكذلك القول في الشر ولذلك قيل : من لم يتحلم في الصغر لا يتحلم في الكبر وقال النابغة يهجو عامر بن الطفيل :

فإنك سوف تحلم أو تناهى إذا ما شبت أو شاب الغراب

وإنما كان النفاق موجبا لازدياد ما يقارنه من سيء الأخلاق لأن النفاق يستر الأخلاق الذميمة فتكون محجوبة عن الناصحين