الخميس، 8 نوفمبر 2012

تدبر

( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير )32 ) ) .

يقول تعالى : ثم جعلنا القائمين بالكتاب العظيم ، المصدق لما بين يديه من الكتب ، الذين اصطفينا من عبادنا ، وهم هذه الأمة ، ثم قسمهم إلى ثلاثة أنواع ، فقال : ( فمنهم ظالم لنفسه ) وهو : المفرط في فعل بعض الواجبات ، المرتكب لبعض المحرمات . ( ومنهم مقتصد ) وهو : المؤدي للواجبات ، التارك للمحرمات ، وقد يترك بعض المستحبات ، ويفعل بعض المكروهات . ( ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ) وهو : الفاعل للواجبات والمستحبات ، التارك للمحرمات والمكروهات وبعض المباحات .

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ) ، قال : هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم ورثهم الله كل كتاب أنزله ، فظالمهم يغفر له ، ومقتصدهم يحاسب حسابا يسيرا ، وسابقهم يدخل الجنة بغير حساب .

وقال أبو القاسم الطبراني : حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح ، وعبد الرحمن بن معاوية العتبي قالا حدثنا أبو الطاهر بن السرح ، حدثنا موسى بن عبد الرحمن الصنعاني ، حدثني ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ذات يوم : " شفاعتي لأهل الكبائر من [ ص: 547 ] أمتي " . قال ابن عباس : السابق بالخيرات يدخل الجنة بغير حساب ، والمقتصد يدخل الجنة برحمة الله ، والظالم لنفسه وأصحاب الأعراف يدخلون الجنة بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم .                                       حدثنا محمد بن يزيد ، حدثنا عاصم بن رجاء بن حيوة ، عن قيس بن كثير قال : قدم رجل من أهل المدينة إلى أبي الدرداء - وهو بدمشق - فقال : ما أقدمك أي أخي ؟ قال : حديث بلغني أنك تحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال أما قدمت لتجارة ؟ قال : لا . قال : أما قدمت لحاجة ؟ قال : لا ؟ قال : أما قدمت إلا في طلب هذا الحديث ؟ قال : نعم . قال : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من سلك طريقا يطلب فيه علما ، سلك الله به طريقا إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم ، وإنه ليستغفر للعالم من في السماوات والأرض حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب . إن العلماء هم ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ، وإنما ورثوا العلم ، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر " .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق