السبت، 9 مارس 2013

التجارة الرابحة مع الله

درس تدبر

     التجارة الرابحة مع الله
            

بالإسلام هناك حقيقة خطيرة جداً:
المؤمن الصادق عليه أن يأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء، ثم يتوكل على الله وكأنها ليست بشيء.

التوكل من أخطر صفات المؤمن :

ما الذي يتناقض مع هذه الحقيقة

ألا تأخذ بالأسباب مدعياً أنك توكلت على الله، هذا ليس هو التوكل

         قال سيدنا عمر:
"المتوكل من ألقى حبة في الأرض ثم توكل على الله".

♻الطالب المتوكل يدرس قصارى جهده، ثم يتوكل على الله،
♻والتاجر المتوكل يدرس الصفقة دراسة متقنة مبالغ فيها، ثم يشتريها ويتوكل على الله،
♻ الطبيب المؤمن يراجع كل المراجع ثم يصف الدواء وبعدها يتوكل على الله،

لأن التواكل أي ألا تسعى وأن تكتفي بالتوكل، هذا عند الفقهاء تواكل وليس توكلاً، لأن هذا التوكل من أخطر صفات المؤمن،

لكن المسلمين في تخلفهم عن حقيقة دينهم، فرغوا هذه الصفة من مضمونها الصحيح، فصار ترك الأخذ بالأسباب توكلاً، لا أبداً، خذ الأسباب وكأنها كل شيء، وتوكل على الله وكأنها ليست بشيء.

       أيضاً للتقريب:
أنت مسافر من بلد إلى بلد، ماذا يعني التوكل

أن تراجع المركبة مراجعة دقيقة،
أن تراجع المحرك، أن تراجع العجلات، أن تراجع العجل الاحتياط، أن تراجع كل شيء،
      
   ثم تقول:
يا ربي توكلت عليك، اللهم احفظني، أما أن تكون العجلة الاحتياط غير سليمة وهناك أخطاء كبيرة بالمركبة،

            وتقول:
توكلت على الله فهذا ليس من الدين في شيء، خذ الأسباب وكأنها كل شيء، ثم توكل على الله وكأنها ليست بشيء. عندنا منزلقان في التوكل، عدم الأخذ بالأسباب يتناقض مع التوكل، والاعتماد عليها يتناقض مع التوكل، تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء، وتعتمد على الله وكأنها ليست بشيء.
البذل علة وجودنا في الدنيا :
لذلك إن الله عز وجل
                    قال:
﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
               (سورة التوبة 111)
ماذا اشترى منهم
            ﴿ أَنْفُسَهُمْ ﴾

من هو الإنسان
هو نفسه التي بين جنبيه، جسمه وعاء له، وروحه قوة إمداد إلهية تحركه،،،،
فالروح قوة الإمداد الإلهية،
والجسم وعاء لنفسه،
ونفسه ذاته،
ونفسه هي المؤمنة،
هي غير المؤمنة،
هي الصادقة،
هي الكاذبة،
هي التي ترقى،
هي التي لا ترقى.

      إذاً الله عز وجل:

﴿ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ ﴾
         

النفس بطاقتها،
بوقتها، 
بجهدها، ببذلها، 
بتضحيتها، 
بالمتاعب التي قد تتحملها، 
بالهموم التي تنصب عليها،
هذا كله من خصائص النفس،
وقد يبذل الإنسان نفسه في سبيل الله، فهذه النفس المؤمن باعها لله عز وجل، وهذا هو البيع الرابح.

         ﴿ وَأَمْوَالَهُمْ ﴾
كل شيء يملك هو مال،
فمالك هو النقد الذي بين يديك
ومالك وقتك، ومالك جاهك
ومالك مكانتك،
هذه كلها داخلة لأن هذا لك، تملكه أنت،

فهناك من يبذل من ماله، ومن جاهه، ومن وقته، ومن علمه، فلابد من البذل، بل إن علة وجودنا في الدنيا البذل، والدليل أن الذي يأتيه ملك الموت 
               يقول:
﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً ﴾
               [ سورة المؤمنون 99]

كأن العمل الصالح بعد الإيمان بالله، هو علة وجودك، لأن حجمك عند الله بحجم عملك الصالح،
ولأن العمل الصالح ثمن الجنة، من هنا كان المؤمن موفقاً وسعيداً، لأنه عرف سر وجوده.

        وللتوضيح:

لو إنسان سافر إلى بلد أجنبي لينال الدكتوراه،
في هذه العاصمة التي فيها الجامعة، علة وجوده في هذه المدينة الدراسة فقط،
هناك نزهة، و زيارة، و سياحة، و ناد ليلي، و سينما، و نشاطات، وحركات، وسكنات لا تعد ولا تحصى،
ولكن هذا الطالب الذي جاء لهذه المدينة بقصد الدراسة،

                  نقول:
علة وجوده في هذه المدينة نيل هذه الشهادة، فالمؤمن الموفق لا تغيب عنه علة وجوده في الدنيا.
العبادة علة وجود الإنسان في الحياة الدنيا : علة وجودك في الدنيا

            قال تعالى:

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
              [سورة الذاريات 56]

العبادة:
العبادة هي الطاعة،
والعبادة أن تستسلم لمنهج الله عز وجل، والعبادة أن تكون مع الله،
أن تطيعه، وأن تتقرب إليه،
وأن تسعد بقربه في الدنيا والآخرة،
أن تطيعه فيما أمر،
وأن تنتهي عما نهى عنه وزجر،
وأن تتقرب إليه بالأعمال الصالحة،
وأن تتجه إليه محباً ومخلصاً،
هذه العبادة

والإنسان إذا عبد الله شعر بالتوازن، وهناك شيء اسمه في علم النفس متعة الإنجاز، فأنت حينما تعرف سر وجودك، وغاية وجودك، وتتحرك وفق هذا الهدف الذي رسمه الله لك، تشعر بطمأنينة،

وراحة نفسية لا يعرفها إلا من ذاقها، أنت حينما تتحرك وفق الهدف الذي خلقت له، أو وفق سر وجودك، ووفق غاية وجودك، تشعر بطمأنينة، وراحة نفسية لا تقدر بثمن، حينما تستيقظ صباحاً...

      كما ورد في بعض الأحاديث النبوية:
" من أصبح وأكبر همه الدنيا جعل الله فقره بين عينيه، وشتت عليه شمله، ولم يؤته من الدنيا إلا ما قدر له، ومن أصبح وأكبر همه الآخرة جعل الله غناه في قلبه، وجمع عليه شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة "
       .       [ الترمذي عن أنس]

رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق